بجملة لم تستغرق أكثر من دقيقتين، وضع المدرب الألماني يورغن كلوب نجمه المصري محمد صلاح، في خط النار، وأبعده عن فرصة توقيع عقد جديد مع ليفربول.
تصريحات غريبة خرجت من المدرب الألماني يورغن كلوب، عشية موقعة الفريق أمام برايتون بالدوري الإنجليزي الممتاز، بدت غامضة في البداية، قبل أن تتضح جذورها.
وخلال المؤتمر الصحفي، مساء الجمعة، صرح كلوب حول تجديد عقد صلاح قائلا: “مسؤولو النادي فعلوا ما بوسعهم في محادثات تجديد عقد مو صلاح.. لا، لا يمكننا فعل المزيد.. هكذا هو الأمر”.
وأضاف: “لا أعتقد أن الأمر يتعلق بالمحادثات، بقدر ما يتعلق بقرار صلاح إلى حد كبير.. أعتقد أن النادي فعل ما يمكن أن يفعله”.
تصريحات كلوب وضحت وقوفه إلى جانب النادي، في مفاوضاته مع صلاح، مؤكدا أن الأمر بيد صلاح، بأن يرضخ لشروط العقد الجديد، بالراتب الذي حددته الإدارة.. أو الرحيل.
تعليقات كلوب التي وضعت صلاح “في مأزق”، رد عليها وكيل أعمال النجم المصري، رامي عباس، بتعبيرات “ضاحكة”، وكأنه يسخر مما قاله كلوب بشأن “فعل النادي كل ما بوسعه”.
يذكر أن صلاح ومدير أعماله الكولومبي رامي عباس، يخوضون مفاوضات معقدة مع ليفربول منذ بداية الموسم، لتجديد عقده الذي ينتهي في صيف 2023.
كلوب مهندس المفاوضات
بالعودة قليلا للوراء، قد نكتشف أن كلوب ليس منعزلا، مثل أغلب المدربين، عن مفاوضات النجوم والإدارة، بل قد يكون “مهندس المفاوضات” بنفسه.
في أغسطس 2021، أبلغ كلوب موقع ليفربول على الإنترنت: “أنا منخرط في كل شيء تقريبا في النادي. ربما تحدث بعض المفاوضات بدوني، لكن بشكل عام أعرف كل ما يتم في هذا الشأن”.
وأكد بعدها في حديثه “عندما نتوصل لقرار بشأن عقد صلاح سنعلن عنه”.
وعاد في ديسمبر 2021، ليؤكد دوره الرئيسي في المفاوضات مع النجم المصري: “عقد جديد صلاح مع ليفربول؟. لا أشعر بالقلق بشأن وتيرة المحادثات. إننا نجري مفاوضات جيدة حقا معه”.
لا للسوبر ستار
المدرب الألماني الكبير، معروف بعزوفه عن العمل مع نجوم عالميين، حيث تعاقد مع نجوم ليفربول الحاليين من أندية بعيدة عن دائرة “كبار أوروبا”.
ففيرجل فان دايك وساديو ماني، جاءا من ساوثهامبتون الإنجليزي، وروبرتو فيرمينو جاء من هوفنهايم الألماني، وفابينيو جاء من موناكو الفرنسي، وآندي روبرتسون جاء من هال سيتي الإنجليزي، وجويل ماتيب جاء من شالكه الألماني، وحتى صلاح، جاء من روما الإيطالي، العريق ولكن البعيد عن المنافسة الأوروبية مؤخرا.
كلوب طور من أداء جميع هؤلاء، وغيرهم الكثيرين بشكل كبير، ورفع من مستواهم ليصل للعالمية، لكن سياسته، حتى مع ناديه السابق بروسيا دورتموند، كانت دائما بالاعتماد على مبدأ “المنظومة دائما فوق السوبر ستار”.
هذه السياسة قد تكون دافعه الأول لرفض منح صلاح العقد الذي “يحلم به”، لأنه ببساطة سيضع “الفرعون المصري” في مكانة مختلفة عن بقية زملائه، من الناحية المادية، وهو ما قد يكسر “هرم الرواتب” في ليفربول، وقد يخلف مشاكل داخلية، على حد وصف الصحفي فابريتسيو رومانو.
الموقف الغريب
كلوب لطالما تدخل في مفاوضات تجديد العقود للاعبيه في ليفربول، وكان العامل الفاصل في تجديد عقود نجومه جوردان هيندرسون وأليسون بيكر وفابينيو وترينت أليكساندر أرنولد في الصيف الماضي، لكنه يستخدم أسلوبا مختلفا الآن مع صلاح.
وفي أكتوبر 2021، أبدى أسطورة ليفربول جايمي كاراغر “استغرابه” الشديد من عزوف المدرب الألماني يورغن كلوب، عن مساعدة صلاح في مفاوضاته مع النادي.
وقال كاراغر لصحيفة التلغراف: “في وقت سابق، تعهد كلوب بأن صفقة كابتن الفريق جوردان هندرسون ستتم، بعد تعقد المفاوضات، وتم ذلك فعلا، لكنه قال إنه” لن يشارك” في مفاوضات صلاح”.
وأضاف المدافع الإنجليزي السابق: “يبدو هذا غريبا. إذا كان هناك سبب مقنع لعدم حل مسألة عقد صلاح بنفس الطريقة، فيجب توضيحه فورا”.
وعمل ليفربول على تجديد عقود أغلب نجومه الرئيسيين في صيف 2021، مثل جوردان هندرسون وترينت ألكساندر أرنولد وفيرجيل فان ديك وأليسون وفابينيو.
الشاي والهاتف الذكي
لطالما استخدم كلوب تشبيهات “ساخرة” عند التحدث عن تجديد عقد صلاح، ففي ديسمبر 2021 قال كلوب إن “المفاوضات ومحاولة تمديد عقد لاعب مثل صلاح لا تشبه مقابلة شخص ما لتناول الشاي” في إشارة إلى “شدة تعقيد” المفاوضات.
وعاد في يناير 2022 ليسخر من الموضوع “الشائك”، قائلا: “التوقيع على عقد ضخم ليس مثل توقيع عقد خطة هاتف ذكي، حيث يتم الأمر بإمضاء سريع”.
وعاد لاحقا ليقارن الأمر بالاندماج بين “شركتين كبيرتين”، في إشارة لحجم مطالب صلاح: “هناك نقاشات دائرة، مثلما يكون هناك مفاوضات بين شركتين كبيرتين حول الاندماج سويا. الاتفاق لا يتم في ليلة واحدة”.
تبعات تصريحات كلوب
وجاءت ضربة كلوب “القاضية” مساء الجمعة، عندما أبدى موقفا واضحا بالوقوف إلى جانب النادي خلال المفاوضات، مؤكد أن ليفربول فعل كل ما بوسعه.
تبعات تصريحات كلوب جاءت “قاسية” على صلاح، فتغيرت تعليقات جماهير ليفربول “المحبة” حول صلاح، واتجهت للهجوم بدلا عن كلمات الغزل المعهودة، وهي التعليقات التي جمعتها صحيفة “سبورتس إليستريتد” العالمية في مقال، السبت.
ومن بين ما قاله الجماهير: “أنا لست قلقا. داما نجد البديل، ولن يكسر النادي سياسته للحفاظ على صلاح. إنه يكبر بالسن على أي حال”.
وكتب مشجع آخر: “يجب أن نبيع ونمضي قدما، فلماذا نضيع المزيد من الوقت من أجل صلاح. نحن نعرف ميزانيتنا ولا يمكننا إفلاس النادي من أجل لاعب واحد”.
وهاجم مشجع آخر رغبة صلاح بتجديد العقد: “يمكنه الذهاب. انظر كيف سيكون أداءه خارج منظومتنا. فقط انظروا لكوتينيو وفينالدوم”.
مطالب صلاح
وفقا لمصادر عدة، فأن صلاح يريد راتبا بحدود 400 ألف جنيه أسترليني أسبوعيا، مثل نجم مانشستر سيتي، البلجيكي كيفن دي بروين.
صلاح وضح مؤخرا في مقابلة أثارت الجدل مع مجلة “جي كيو” أن مطالبه المالية لتجديد عقده مع ليفربول “ليست جنونية”.
وقال صلاح: “أريد أن أبقى في ليفربول، لكن الأمر ليس بيدي، إنه بأيديهم. إدارة النادي تعرف ما أريد. أنا لا أطلب أشياء مستحيلة أو غير منطقية”.
في حال حصول صلاح على هذا الراتب، فأنه سيحصل على ضعف ما يتقاضاه أغلب نجوم ليفربول الكبار مثل فيرجل فان دايك وترينت أليكساندر أرنولد، وثلاثة أضعاف ما يتقاضاه السنغالي ساديو ماني، وهو أمر، قد لا يقبل به كلوب أبدا.
أما كلوب نفسه، فيتقاضى 330 ألف جنيه أسترليني أسبوعيا، أكثر من أي “نجم” في كتيبته الحمراء.