ar
الرئيسية / أخبار تكنولوجيا الرياضة / التكنولوجيا تنقل الرياضة إلى المستقبل

التكنولوجيا تنقل الرياضة إلى المستقبل

الغزو التكنولوجي امتد للرياضة أيضا، سيطر عليها وجعل الممارسة الاحترافية أيسر، مضبوطة بأرقام وإحصاءات دقيقة، خاصة فيما يتعلق بحسابات وإحصاءات الأداء البدني والقوة والفعالية في الميدان، حيث أصبح الرياضيون يستعلمون معدات متطورة، وأجهزة ذكية، وتقنيات تعمل بالذكاء الاصطناعي، بهدف تطوير أدائهم، وقراءة الخصوم، وتوفير حلول أكبر، ونتائج إيجابية أكثر، وبالتالي عدم ترك أي شيء للصدفة.

انتهى نظام الممارسة الرياضية التقليدي، حين كانت القوة البدنية، الحكم والفيصل في الميدان، وحين كان الإعداد البدني للرياضي، سواء كان محترفا أو هاويا، يمارس بطرق كلاسيكية، تتطلب جهودا بدنية عالية، تؤثر على نشاط الرياضي وصحته على المدى البعيد، اليوم، يتبع المدربون طرقا وأساليب علمية في التدريب، مستعينين بأحدث المعدات والأجهزة الذكية، تقوم بإحصائيات عن اللاعب، وتقدم بيانات حول قدرته وفعاليته، ونقاط قوته وضعفه.

ولم يعد التنافس بين الشركات العالمية، المتخصصة في إنتاج الأمتعة والمعدات الرياضية، مقتصرا على إنتاج أجمل الأحذية والأقمصة والكرات والآلات. أصبح ذلك متجاوزا، فقد انتقل التنافس بين هذه الشركات إلى المجال التكنولوجي. ذلك أن كل منها، تسعى إلى طرح إنتاجات ذكية جديدة، تقدم إضافة إلى الرياضي، سواء كان لاعبا أو مدربا أو حكما، وإلى المنظومة الرياضية ككل، بهدف جعل الممارسة أكثر تنظيما وتطورا وعطاء، وأيضا من أجل تحقيق العدالة بين المتنافسين، ونقل الرياضة إلى مستقبل أكثر تطورا.

“SNRTnews” يستعرض بعضا من الأجهزة والمعدات الذكية، التي انتشرت في السنوات الأخيرة، وأصبحت من أولويات الممارسة لدى الفرق واللاعبين والحكام في الأنظمة الاحترافية، وبدأت تطرق أبواب المنظومة الكروية المغربية أيضا.

صدريات “GPSports”

هي صدريات ذكية يرتديها الرياضيون، خاصة اللاعبون المحترفون، يصل ثمنها لـ3000 دولار للواحدة، تحتوي على أجهزة استشعار صغيرة جدا، عديمة الوزن تقريبا. تقدم الكثير من الأرقام والإحصائيات، من قبيل معدل نبضات قلب الرياضي في الدقيقة، أثناء المجهود العالي أو العادي، والمسافة التي يقطعها وسرعته أثناء الجري، إضافة إلى أنها تعمل على قياس مستوى السكر في الدم، وضغط الدم، وكمية الماء التي يفقدها الرياضي، كما أنها قادرة على استشعار الأزمات القلبية.

GPSports

أنتجت هذه التقنية، أول مرة، من طرف الشركة الأسترالية “GPSports” سنة 2001، عندما لاحظت أن أداء لاعبي “الريغبي” الأستراليين في التداريب، يختلف عن أدائهم في المباريات الرسمية، لهذا ارتأت صناعة جهاز ذكي، من أجل معرفة أسباب هذا الاختلاف.

بعدما جمعت بيانات كثيرة، وقامت بتحليلها، اكتشفت الشركة أن اللاعبين في المنافسات الرسمية، يقومون بمجهود بدني أكبر، ونبضات قلبهم تصل لأقصى درجاتها، لكن يحصدون نتائج أقل إيجابية، أو سلبية، ومرد ذلك إلى تأثرهم بضغط المنافسة والجمهور، في المقابل، فإنهم في المباريات الودية والتداريب، حيث يكونون بعيدين عن الضغط، يقومون بمجهود بدني أقل، ونبضات قلبهم لا تصل لأقصاها، ويحصدون نتائج إيجابية.

مع مرور السنوات، طورت الشركة الأسترالية هذه التقنية، وأصبحت تقدم بيانات أكثر دقة. فبعدما كانت بحجم كف اليد، جعلتها أصغر حجما، ولا يتعدى وزنها غرامات معدودة، وجعلتها أكثر دقة في قراءة أداء الرياضيين، وأصبحت لها وظائف متعددة، أثبتت فاعلياتها. فانتشرت في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم في أوروبا بداية من سنة 2010، وفي باقي دول العالم في السنوات الأخيرة.

تقنية تتبع الأداء “EPTS”

تقنية “الأداء الإلكتروني وأنظمة التتبع” شبيهة، إلى حد ما، بالصدريات الأسترالية، تقدم إحصائيات وبيانات تقنية بخصوص أداء اللاعبين في أرضية الملعب، إذ تعمل على تعقبهم أثناء نشاطهم الرياضي، لتحليل أدائهم التقني ونسبة نجاحهم وفشلهم في التسديد، التمرير، المراوغة، قطع الكرات، التصدي للخصوم، امتلاك الكرة، سرعة الجري، إلخ.

تعمل هذه التقنية بنظام موجات كهرومغناطيسية يحملها اللاعبون على شكل صدريات تحت أقمصتهم، غالبا، أو على شكل شرائح في أحذيتهم أحيانا، وتكون متصلة مباشرة بلوحات إلكترونية عند المدربين والمنظمين.

EPTS

صادق الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، على هذه التقنية سنة 2015، ورخص لاعتمادها في منافسة دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي، وفي نهائيات كأس العالم 2018 في روسيا، إذ أنه منحها لجميع المنتخبات المشاركة في المونديال، حتى يتسنى له ضبط وتسجيل البيانات التقنية للبطولة.

أغلب المدربين في البطولات الاحترافية، وخاصة المختصين في الإعداد البدني، يستعلمون هذه التقنية، وأصبحوا يعتمدون عليها في وضع الخطط التقنية، من أجل الوقوف على مراكز القوة الضعف في فرقهم، وتحليل أداء لاعبيهم.

العلاج بالتبريد (Cryotherapy)

انتشرت هذه التقنية في العلاج، في السنتين الأخيرتين بشكل كبير بين الرياضيين، وأصبحت من أهم العلاجات التي يستعين بها لاعبو كرة القدم على الخصوص، للتعافي من الإصابات، ولاستعادة طراوتهم البدنية في ظرف وجيز، وإنعاش عضلاتهم، وتجديد دمائها.

يدخل اللاعب إلى حمام بارد جدا، تصل درجته إلى ناقص 200 درجة أحيانا، لمدة دقيقتين أو ثلاثة، وحين يخرج منه، يكون في أعلى قوته البدنية. ويحس بنشاط بدني ونفسي يساعده على التدرب وخوض المباريات بدون مشاكل عضلية.

Cryotherapy

في الغالب، يلجأ اللاعبون لهذه الحمامات بعد المباريات مباشرة، من أجل استعادة الانتعاش البدني، والشفاء من الإصابات والكدمات، ويلجؤون إليها، أيضا، قبل المباريات، لاكتساب طاقة أكبر، وجعل عضلاتهم أكثر صلابة وقدرة على تحمل الكدمات.

في المغرب، ظهرت هذه التقنية حديثا، وبالضبط سنة 2016، في مدينة الدار البيضاء، وأصبحت في متناول الرياضيين، إذ أنها تغنيهم عن العلاج بمسكنات الآلام والحقن، والتي غالبا ما تكون لها مضاعفات خطيرة، وتتسبب في إنهاء مسار اللاعبين قبل الاوان.

عين الصقر (Hawk-Eye)

تسمى أيضا بـ”تقنية خط المرمى”، أنتجت من طرف شركة “Hawk-Eye innovation”، وهي عبارة عن مجموعة من الكاميرات الذكية، ذات التصوير ثلاثي الأبعاد، تثبت في زوايا الملاعب، وأيضا في الخشبات الثلاث لمرمى كرة القدم، لتحديد عبور الكرة بكامل حجمها لخط المرمى، وتكون متصلة مباشرة بأجهزة الاتصال عند الحكام داخل أرضية الملعب.

في حال عبور كرة القدم لخط المرمى، بكامل محيطها، ترسل الكاميرات الاستشعارية لهذه التقنية، رسالة صوتية إلى الحكام، في أقل من ثانية، مرددة عبارة “هدف.. هدف..هدف”، وترسل، أيضا، رسالة نصية، عبارة عن كلمة “هدف”، تظهر مباشرة في ساعات الحكام الذكية.

Hawk-Eye

صادق الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، على تطبيق هذه التقنية، في جميع البطولات الاحترافية، من أجل الحد من الجدل الذي يحدث، أحيانا، بين الحكام واللاعبين، حين تحوم الشكوك حول تجاوز الكرة لخط المرمى، في إطار تطبق العدالة الكروية.

استعملت هذه التقنية، أول مرة، خلال نهائيات كأس العالم للأندية سنة 2012 في اليابان، ثم في الدوري الإنجليزي سنة 2013، وبعد ذلك انشرت في الكثير من البطولات، وأصبحت، أيضا، تستعمل في البطولات الدولية لرياضات كرة المضرب، كرة السلة، والعديد من رياضات ألعاب القوى.

تقنية “الفار”

“الحكم الفيديو المساعد”، ويسمى اختصارا بـ”فار”، صممت هذه التقنية، لأول مرة، تحت إشراف الاتحاد الهولندي لكرة القدم سنة 2010. وبعد اختبارها في مباريات الدوري الهولندي الممتاز، في موسم 2012/2013، قدم الهولنديون ملتمسا إلى الاتحاد الدولي، من أجل الترخيص باعتمادها في البطولات الدولية.

جاءت هذه التقنية بهدف مساعدة الحكام على اتخاذ القرارات الصحيحة، وتصحيح قراراتهم الخاطئة، بهدف إقرار العدالة في الممارسة الكروية، وبالتالي، وقف احتجاجات اللاعبين على الحكام، والجدل الذي يرافق بعض قراراتهم.

تقوم هذه التقنية على تواصل مباشر بين الحكم الرئيسي، داخل أرضية الملعب، مع حكام في غرفة خاصة، بها شاشات ذكية، تتيح لهم إعادة متابعة بعض حالات الأخطاء في المباراة، ومراجعة بعض القرارات التحكيمية، وإقرار أخطاء لم ينتبه إليها الحكم.

var

ويمكن للحكم الرئيسي للمباراة، بالتشاور مع حكام غرفة “الفار”، العودة لمتابعة بعض الأخطاء بالعرض البطيء، للتأكد من صحتها جيدا، وتحديد العقوبة التي يستحقها مرتكبوها، أو التأكد من بعض الحالات إن كانت أخطاء تستوجب إقرارها أم لا، وأيضا التأكد من صحة الأهداف.

لقيت هذه التقنية التي انتشرت، في السنوات الأخيرة، في جميع البطولات العالمية تقريبا، جدلا كبيرا، بين فئة مؤيدة لاستخدامها، على اعتبار أنها تحقق الإنصاف والعدالة في المباريات، وأخرى رافضة لها، بداعي أنها تقتل الشغف والحماس، وتفرغ المنافسة من محتواها التشويقي.

هشام كديرة: التكنولوجيا لها إيجابيات وسلبيات

يرى هشام غابرييل غديرة، مدير أكاديمية جوفنتوس لكرة القدم في الدار البيضاء، أن الغزو التكنولوجي للرياضة، عامة، منحها إضافات إيجابية لا يمكن إنكارها، ساهمت في جعلها أكثر تنظيما، وأيضا ساهمت في تطوير أداء الرياضيين، لكن في المقابل، جعل المنافسة تفقد شيئا من شغفها.

وقال كديرة، المهتم بتطوير أنظمة الإعداد البدني للرياضي، في حديث مع “SNRTnews”، إن التقنيات الذكية مثل صدريات “GPS”، و”EPTS”، ساهمت، بشكل كبير، في معرفة نقاط ضعف وقوة الرياضيين، وبالتالي، ساعدت المعدين البدنيين على تطوير نظامهم التديربي، والتركيز، بشكل أكبر، على الرفع من منسوب اللياقة البدنية للرياضيين، بطرق علمية، لا يشعر من خلالها الرياضي بالإجهاد.

وأضاف المتحدث ذاته أن بيانات هذه التقنيات الذكية أكدت للمعدين البدنيين والأخصائيين أن الرياضيين، في السنوات الأخيرة، أصبحوا أكثر فعالية وإنتاجا من ذي قبل، لأنهم يقومون بمجهود بدني مضاعف عن المجهود الذي كان يقوم به الرياضيون في الماضي، دون أن يصلوا لمرحلة الإرهاق، موضحا: “في الماضي، كان معدل المسافة التي يقطعها لاعب كرة القدم في كل مباراة، يتراوح ما بين 5 و8 كيلوميتر، الآن المعدل يتراوح ما بين 7 و12 كيلوميتر”.

وشدد المتحدث ذاته على أن هذه التقنيات، تمكن المختصين في الإعداد البدني، من التركيز على نقاط ضعف الرياضيين، من أجل تطويرها، وجعلهم أكثر فعالية، كما تسمح للمدربين، بمعرفة نقاط قوة وضعف فرقهم، بدنيا وتكتيكيا، من أجل التركيز عليها في التداريب.

وقال: “في الماضي كان اللاعب يقوم بمجهود بدني في التداريب يوحي للمدرب بأنه جاهز مائة في المائة، لكن في المباريات الرسمية، يظهر غير ذلك، لأن طرق توظيفه في الملعب، لم تكن تتم وفق خطط تكتيكية تتناسب مع قدراته وإمكانياته، بينما الآن، المدربون يعتمدون على بيانات الأجهزة الذكية في التداريب والمباريات، من أجل إعداد خططهم التكتيكية بما يتناسب وقدرات وفنيات كل لاعب”.

gabriel hicham guedira

وأوضح في السياق ذاته: “على سبيل المثال، في نهائيات كأس العالم 2014، احتفظ مدرب المنتخب الألماني باللاعب ماريو غوتزة في الاحتياط في المباراة النهائية، لأن اللاعب لا يتمتع بقوة بدنية كبيرة، ويعاني الإجهاد بسرعة، لكن حين أشركه في الشوط الإضافي الأول أمام الأرجنتين، كان لاعبو الأخير منهكين تماما، فتمكن من إحراز هدف فوز ألمانيا بالمونديال، هنا يتجلى حسن توظيف قدرات اللاعب البدنية استنادا إلى بيانات الأجهزة الذكية”.

وتحدث كديرة، أيضا، عن تقنية حكم الفيديو المساعد، “الفار”، وقال: “أتفق مع من يدعي أنها أفقدت مباريات كرة القدم شغفها وحماسها، لكن في المقابل، حققت العدالة الكروية، وأنصفت الكثير من الفرق في مباريات حاسمة”، مشيرا إلى أنه من حسنات هذه التقنية، أنها أوقفت الاحتجاجات على الحكام، وجعلت التنافس أكثر إنصافا.

عن Dr. Ahmed Abdel Aziz

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *